كمال عرفات نبهان.. صورة من قريب
بقلم/ عبد الرحمن هاشم
نشر: الأحد 24 مارس 2024م
اختير كتابه «عبقرية التأليف العربى» في عام 2015م «كتاب العام التراثي»، باعتباره صاحب نظرية غير مسبوقة فى علم البيلوجرافيا والمعلومات، وكرمته الألكسو ومعهد المخطوطات العربية في احتفال أقيم في يوم المخطوط العربي أبريل 2015م.
وكمال عرفات نبهان هو عالم مصرى وأستاذ المعلومات وعميد المكتبات بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، أما معهد المخطوطات العربية فهو أقدم المؤسسات العلمية التابعة للمنظمة العربية للثقافة والعلوم، ألكسو، التابعة للجامعة العربية.
قال عنه أستاذه وصديقه المستشار محمد يوسف عدس: "الدكتور كمال عرفات نبهان، أستاذ علم المكتبات بجامعة مصر للتكنولوجيا بمدينة ٦أكتوبر، هو أحد العلماء الموسوعيين والعباقرة المجهولين قليلى الحظ فى مصر، نوّهت به فى أكثر من مقال، واقترحت ترشيحه لجائزة الدولة التقديرية، فهو أولى بها من أكثر من تلقّوها؛ بلا استحقاق من علم، ولا أهلية، ولا قدرة على البحث العلمي، ولا يتميزون حتى بشخصية أخلاقية متوازنة، على عكس الدكتور كمال الذى وهبه الله من كل هذا أفضله.
يربطنى بالدكتور كمال علاقات حميمة منذ كان تلميذى النجيب فى مدرسة طوخ الثانوية سنة ١٩٥٨م وكان أبرز وأنشط أعضاء لجنة أصدقاء المكتبة التى أنشأتُها فى المدرسة، وفى مكتبة مجلس مدينة طوخ.. وكانتا خليتين لاستكشاف وتنمية المواهب الشابة.. ولقد استجاب لنصيحتى أنذاك فالتحق بقسم المكتبات والمعلومات بجامعة القاهرة وتفوق فيه، حتى حصل بعد التخرُّج على درجة الماجستير.
فرّقت الدنيا بيننا فترة من الوقت فقد ذهبت إلى أستراليا ثم التقينا مرة أخرى بعد عشر سنوات وكنت أعمل حينذاك مع فريق عمل من منظمة اليونسكو لإنشاء جامعة قطر، فرشحته للعمل بمكتبة الجامعة، وعملنا معًا فيها بضع سنوات، من أخصب فترات العمر نشاطًا وإبداعًا.. وكان الدكتور كمال يقوم فى الوقت نفسه بإعداد رسالة الدكتوراة التى تابعتها معه من لحظة اختيار الموضوع حتى الحصول على الدرجة العلمية بمرتبة الشرف.. وقد تطورت هذه الرسالة إلى كتاب منشور هو أبدع وأجمل ما نُشر فى مجاله، بعنوان: "عبقرية التأليف العربي"، استحق عليه الجائزة الأولى لـ"المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" التابعة للجامعة العربية.
ثم جمعتنا الأقدار مرة أخرى فى لندن (بين سنة ١٩٩٦ و١٩٩٩م)، وكنت مقيما هناك عندما تولى إدارة "مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي" لصاحبها ورئيس مجلس إدارتها الدكتور"أحمد زكي يمانى" ومن بين أعضاء مجلس إدارتها: العلامة محمود شاكر والدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو، الذى تولى –فيما بعد- منصب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.
ولقد ذكرت فى أكثر من مناسبة أن الدكتور كمال -من خلال مؤسسة الفرقان- كان له أكبر الفضل فى إنقاذ المخطوطات العربية والإسلامية فى البوسنة، التى استهدفها الصرب بالقصف والحرق أثناء حصار سراييفو.. وقد بذل جهدًا جبارًا فى هذا السبيل، ولم يبخل الدكتور يمانى بالنفقة وتزويد المشروع بالخبراء المتخصصين وبالأجهزة اللازمة للتصوير والحفظ، وكنت أتابع هذا النشاط الرائع بالرأي والمشورة.
كان آخر مرة التقيت فيها بالدكتور كمال فى القاهرة خلال ديسمبر٢٠١١م، وآخر نشاط مشترك بيننا إطلاعه على نص "كتابى نهب الفقراء" قبل نشره، وهو الذى اقترح هذا العنوان، وأسعدنى بتقديم الكتاب فى كلمة هي فى الواقع تحفة أدبية أعتز بها.. وكان آخر ما وصلنى منه عبر صفحات التواصل االإلكتروني تعليقه على مقالة لى بعنوان " "العلمانيون وضلالاتهم." حيث كتب:
"سعدت بقراءة مقال سيادتكم "العلمانيون وضلالاتهم"، وهو مقال يتعمق فى جذور العطاء القانونى والحضارى من الحضارة الاسلامية الى العقول الأوربية، ومن المهم ترجمته إلى لغات أوربية كثيرة، والملاحظة المهمة أن العقل الأوربى استطاع أن يستفيد بعمق من الحضارة الإسلامية، ومنها صنع بيئة كريمة للمواطن الأوربي، بينما ينحدر العقل العربى ويهدر كل الامكانيات والأصول، ويتمتع بشجاعة الجهل، بدلا من شجاعة الفهم، ويوحي المقال إليّ بعنوان "هل يطالب العلمانيون بالقانون الإسلامى ؟!"
وقال عنه أسامة غريب ومصطفى تهامي في بحثهما المشترك المقدم إلى مؤتمر جمعية المكتبات المصرية الذي عقد بمدينة الزقازيق/ مصر أكتوبر عام 2014م تحت عنوان "كمال عرفات نبهان عقلا وروحا":
"الدكتور كمال عرفات نبهان واحد من الذين تشغلهم قضية الاتساق مع الذات، واتفاق الجوهر مع المظهر، ويرى أن في ديننا وثقافتنا ما يغنينا عن غيرها من الثقافات الوافدة، وأننا نحتاج إلى العودة للذات والتحقق من الأخلاق الكامنة بداخلنا حيث يؤكّد: " نحن مسنودون بقيم داخلية (أخلاقية وجمالية ودينية) تحتاج منا إلى العناية بها ورعايتها ليكون لها أثر في تعاملنا اليومي".
كما يذكرا عنه طرفة أجراها مع بعض طلابه وكانوا 50 طالبا حين سألهم السؤال التالي: "هل تلد امرأة وُلدت من أم لا تلد مطلقا؟" وكانت الإجابات متباينة، فبعض الطلاب قال هذا قدر الله، وبعضهم قال العلم تقدم ويمكن أن تلد، ما عدا طالبة واحدة هي التي قالت: إذا كانت الأم لم تلد مطلقا فالبنت لا وجود لها في الواقع يا دكتور!
كان الدكتور كمال عرفات نبهان يريد من هذا السؤال أن يدلل على أن بعض الطلاب يتعجلون؛ بل لا يقرأون ولا يتأنّون في القراءة، فيقرأون آخر سطرين من الصفحة ويظنون أنهم قد حصّلوا المعلومة!
ولذلك يرى: ضرورة زيادة الاهتمام بمكتبات المراحل الدراسية الأولية حتى الثانوية العامة، وزيادة الترغيب في المكتبة بالوسائل العديدة والاهتمام بحصة المكتبة، وعدم جعلها حصة هامشية يمكن إلغاؤها في أي وقت.