Print
كُن صديقًا.. .....
كُن صديقًا..

كن صديقا
بقلم/ عبد الرحمن علي البنفلاح

قال تعالى: «ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورًا رحيمًا» (الأحزاب 24).

هذا بيان إلهي لا يعوزه الشرح أو التفصيل، فهو بيان واضح بأن الجزاء الأوفى، والعطاء الأجزل هو من حظ الصادقين الذين لازموا الصدق، وبحثوا عنه في مظانه، وصاروا من أهله وخاصته، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدّيقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذّابًا» متفق عليه.

هذه المجاهدة والسعي الحثيث من المسلم من أجل أن يبلغ درجة في الصدق تؤهله ليكون عند الله تعالى صدّيقًا، وهي منزلة من حظ الأنبياء، قال الله تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: «واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صدّيقًا نبيًا» (مريم 41)، وقال سبحانه عن إدريس عليه الصلاة والسلام: «واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صدّيقًا نبيًا» (مريم 56).

ولم ينلها من الصحابة إلا أبو بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن الصديقية التي خلعها رسول الله صلى الله عليه وسلم على صاحبه أبي بكر أدنى منزلة من الصديقية التي خلعها الله تعالى على نبيه إبراهيم ونبيه إدريس، ولكنها مرتبة عالية تميز بها أبو بكر الصديق لصدقه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه لم يجرب عليه كذبا قط، وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما نفعني إيمان كما نفعني إيمان أبي بكر، وما نفعني مال كما نفعني مال أبي بكر».

والصديقون يأتون بعد الأنبياء في المرتبة، قال تعالى: «ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا» (النساء 69). والصديقية منزلة لا ينالها كل المؤمنين بل اختص الله تعالى بها بعض المؤمنين بعد أن يجتازوا ابتلاءات عظيمة، قال تعالى: «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً» (الأحزاب 23). 

ولا يكفي أن تكون صادقًا مرة أو مرتين أو أكثر من ذلك لتكون صدّيقًا بين الناس بل لا بد من استمرارك على الصدق، والبحث عنه في مظانه، وأن تكون صادقًا، فهذا يعني ألا تكون منافقًا لأن الكذب صنو النفاق، فالنفاق أن تظهر غير ما تبطن، وكذلك الكذب، وأن تحدث الناس بالكذب فيصدقونك، لهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكذب حتى في المزاح، لأن من يكذب ليضحك الناس سوف يكون الكذب خلقا ثابتا فيه، قال صلوات ربي وسلامه عليه: «لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاحة والمراء وإن كان صادقًا» المنذري (الترغيب والترهيب) إسناده صحيح.

ومن أدل الأحاديث على أن الكذب صنو النفاق قوله صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» متفق عليه، وفي رواية «وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم».

إن أهل التقوى هم أهل الصدق، يقول تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين» (التوبة 119)، هذا نداء من الله تعالى لأهل القرآن وخاصته من المؤمنين الذين لم يكتفوا بمرتبة الإيمان بل أمرهم وحضهم على طلب المعالي من الأمور، فقال تعالى: «اتقوا الله»، فإذا استطاع المؤمن أن يرتقي في درجة الإيمان إلى درجة التقوى فإنه مطلوب منه أن يكون مع الصادقين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ووفوا بنذورهم، واستجابوا لله تعالى ولرسوله لما يحييهم، ويرفع درجتهم بين الناس.

Print

مركز تحقيق التراث

بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا

مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أنشيء عام 2010م خدمة للتراث والمشتغلين به، ومشاركة في الحفاظ عليه والتوعية بقيمته وإبرازا لإنجازاته المزيد

العنوان:

جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الحي المتميز - مدينة 6 اكتوربر
Web: www.must.edu.eg
Facebook: facebook.com/mustuni
Twitter: twitter.com/must_university
Instagram: instagram.com/mustuni
Pinterest: pinterest.com/mustuni

تليفون:

فاكس

01285330279-01285330279- 01060314825

بريد الكتروني


abhashem2009@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة ل مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا