Print
أثر الحوار البنَّاء في مكافحة الإرهاب وصنع السلام الإنساني.....
أثر الحوار البنَّاء في مكافحة الإرهاب وصنع السلام الإنساني

الدكتور/ إبراهيم نجم

الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم

ومستشار مفتي جمهورية مصر العربية

لم تحظ قضية على مدار التاريخ بقدر من التوافق الإنساني والعالمي، مثلما حظيت قضية مكافحة الإرهاب وتحقيق السلام، فالإرهاب بكافة أشكاله ومنطلقاته تفاقم خطره بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة وبات العدو الأول للحضارة الإنسانية، وجسَّد الجانب المظلم من النفس البشرية وما يمكن أن تكون عليه من الانتهازية والعنف والكراهية.

ولذلك صار التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب وإحلال السلام العالمي هو السمة المميزة لهذا العصر، الذي أيقنت فيه جميع الأمم بضرورة الاصطفاف في مواجهة عدوها المشترك، وقد أفرزت المساحة الزمنية التي استغرقتها دول العالم في مكافحة الإرهاب عبر السنوات السابقة استراتيجيات كثيرة ورؤى متعددة، تعكس وجهات النظر المختلفة تجاه الآليات الفعالة في مكافحة الإرهاب وإحلال السلام، مما أتاح الفرصة كاملة لمراقبة تلك الاستراتيجيات ومدى نجاحها في تحقيق أهدافها، وتقييمها بشكل موضوعي وعملي.

وقد ثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الاستراتيجية الناجحة لمكافحة الإرهاب لا يمكن لها أن تعتمد محورًا واحدًا في عملية المكافحة، بل يجب أن تسير المواجهة على كافة المحاور الأمنية والفكرية والإصلاحية لتستطيع أن تواجه ظاهرة معقدة لها دوافعها المختلفة.

ومن هنا يُعلم موقع الحوار في عملية مكافحة ظاهرة التطرف؛ إذ يمثل الحوار أهم عناصر المواجهة الفكرية مع الفكر المتطرف، وأهم أدوات تحقيق السلام والتعايش الإنساني، وهو ما نحاول إبرازه في ذلك البحث.

التأسيس لحوار بنَّاء

إن إجراء الحوار البناء يتطلب تهيئة المناخ المناسب لإجرائه، بحيث تتم إزالة كافة العوائق التي يمكن أن تحول بين الحوار وبين تحقيق غاياته، ويمكن إبراز أهم الخطوات التأسيسية فيما يلي:

  1. إخراج الحوار من حيز الدفاع عن الذات:

يمثل الحوار خيارًا فطريًّا؛ لأن التواصل هو سمة الإنسان في الأصل، فالإنسان يميل إلى الحوار بميوله الفطرية، إلا أن ذلك الحوار قد يكون متأزمًا أو يصعب إجراؤه من الأصل إذا ولد في سياق صدامي، فعلى الرغم أن الحاجة الماسة إلى الحوار تكمن في وقت الأزمات والصراع، إلا أن تلك الملابسات والمناخ الصدامي يشكل عائقًا أمام إجراء الحوار أو تحقيق أهدافه؛ والسبب في ذلك أن الحوار في تلك الحالة يكون أداة للدفاع عن الذات، وتحقيق الغلبة الفكرية، لا تفكيك الأفكار أو إعادة تقييمها، وهو ما يفسر انتقال الحوار من العرض المنطقي والعقلاني للقضايا الفكرية إلى سجالات وجدالات أبعد ما تكون عن المنطق؛ لتحقيق انتصار ذاتي وهذا ما يحول دون تحقيق الحوار غايته، ولذلك يجب تحييد الجانب الذاتي في الحوار، عن طريق محاولة الفصل بين الأفكار وبين معتنقها، وتكريس ذلك المفهوم في نفوس المستهدفين بالحوار، لتحقيق الفصل بين الذات وبين مجموعة الأفكار، وحينها يمكن للحوار أن يحقق أهدافه، ويستطيع المستهدف بالحوار التوقف قليلًا عن مساره الأحادي، ووضع الحقائق والأدلة المتضمنة في الحوار موضع التقييم، ومن ثم التراجع عن أفكاره المتطرفة.

ولعل حوار ابن عباس t مع الخوارج مثَّل جانبًا تطبيقيًّا مثاليًّا لتهيئة المناخ للحوار البنَّاء، يقول عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – في حواره مع الخوارج عندما احتشدوا لقتال علي بن أبي طالب t ومن معه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار، ومن عند ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره، وعليهم نزل القرآن، فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد، لأبلغكم ما يقولون، وأبلغهم ما تقولون…» ([1]).

فابن عباس t حاول تهيئة المناخ عن طريق دفع الخوارج لعدم الالتفات لانحيازاتهم الذاتية عن طريق تذكيرهم بأنه أتاهم من عند أصحاب النبي r، ومن عند علي بن أبي طالب ابن عم النبي r، وأصحاب النبي -رضوان الله عليهم-، وذكرهم بفضل أصحاب النبي وقدمهم في الدين والعلم، ومن شأن ذلك أن يثبط من نزعاتهم الذاتية عند إدراك حجم الفريق المختلف معهم ومكانته، وأن تصويب خطأ الفكر لا يعيب لأن الفريق المختلف يضم أفضل الناس بعد الأنبياء، مما يفتح الباب أمام النظر العقلي الموضوعي للحقائق والأدلة، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك ورجع الكثير منهم عن أفكارهم المتطرفة.

2- محاولة تجاوز الأحكام القَبْلية:

إن الآفة الحقيقية التي تقف أمام التفكير الموضوعي هو مجموعة الأحكام والقناعات المسبقة التي يتعامل الإنسان معها بوصفها ثوابت لا تقبل التغيير، مما يدفعه للرفض المطلق لأي فكر يصادم تلك الأحكام والقناعات السابقة، فالحوار ينطلق في الأصل من فرضية احتمالية خطأ المفاهيم والقناعات المستقرة، ولا يمكن تحقيق افتراض ذلك إلا إذا كان طرف الحوار يمتلك الاستعداد النفسي اللازم لأن تكون قناعته السابقة غير صحيحة، أو على الأقل ينتابها بعض الخطأ، وعلى الرغم من الصعوبات التي تنطوي عليها حالة التطرف الفكري إزاء تقبل تلك الفكرة، لكون المتطرف ينطلق في الأصل من نظرة أحادية وإيمان جازم بمجموعة من الرمزيات والمرجعيات، إلا أن الدفع باتجاه الثقة والطمأنينة يوفر للخطاب والحوار مناخًا مناسبًا يساعد الطرف المستهدف على قبول الأفكار المطروحة في الحوار وإعادة تقييم ثوابته.

وتلك الثقة التي من شأنها تخفيف حدة الجمود لدى أصحاب الأفكار المتطرفة لا تتحقق إلا بسلوك طريقة تدريجية في تفكيك الأفكار والقناعات، وعدم اللجوء إلى العبارات الصادمة والأسلوب الهجومي، ومن الشواهد التاريخية على ذلك الأسلوب الحواري، ما روي عن مصعب بن عمير t، عندما وصل إلى المدينة المنورة للدعوة إلى الإسلام وتهيئة الطريق لدخول النبي r المدينة، حيث جاءه سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا قومهما حينئذ يزجرانه عن دعوته أهل المدينة للإسلام، فلما تقدم أسيد بن حضير إليه قال له: أوَ تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كُفَّ عنك ما تكره، فقال: أنصفت، ثم ركز حربته وجلس، فكلمه مصعب بالإسلام، وتلا عليه القرآن. فيقول راوي الخبر: فوالله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم، وفي إشراقه وتهلله، ثم قال: ما أحسن هذا وأجمله؟! ([2]).

فإن مصعبًا tكان يعلم أن المقدِم عليه سيد قومه، وأنه يمتلك مجموعة من القناعات التي يصعب عليه التخلي عنها إن لجأ إلى طريقة صدامية في الحوار، فأراد ابتداء أن يهيئ المناخ المناسب للحوار عن طريق التأكيد على أن المستمع يملك خياراته الكاملة في السماع والحوار، فضلًا عن الاقتناع بالأفكار وتقييم معتقداته السابقة، وهو ما دفع أسيد بن حضير للاستماع دون تأهب للرفض، فسلك مسلكًا تدريجيًّا نتج عنه اعتناق أهل المدينة للإسلام.

3- إدراك الغاية من الحوار:

وذلك يكون الابتعاد قدر الإمكان عن مواطن الخلاف الحقيقية، خوفًا من تبعاته، فيتفرغ الحوار عن مضمونه، ويتحول إلى صورة شكلية غايتها إثبات حصول الحوار بقطع النظر عن مقاصده.

والغاية من الحوار إقامة الحجة ودفع الفاسد من الرأي والقول؛ فهو تعاون من المتناظرين على التوصل إلى الحقيقة، بطرق الاستدلال الصحيح، فيجب أن يكون الحوار مُتَّجهًا إلى هدف معين يسعى إلى تحقيقه، ومن ثم فإنه لا بد أن يكون بعيدًا عن الجدل العقيم الذي لا طائل من ورائه، ولذا يتعين وضع الهدف من التفاوض وتوضيحه.

والحقيقة أن الحوار في مسائل الاختلاف لا سيما المتعلقة بالفكر المتطرف هو بمثابة إجراء عملية جراحية غاية في الدقة، يفترض من خلالها استئصال جذور ورم سرطاني، وهذا يقتضي الوصول مباشرة إلى محل ذلك الورم لا الحوم حوله دون الاقتراب منه، فإن ذلك لا يجدي نفعًا في حالة المريض، وسيكون نصيب المريض جراحًا لا طائل منها، وسينتهي الحوار مثلما بدأ بلا أي نتائج، ولذلك يجب التخطيط للحوار المنتج، وإصابة الركائز الأساسية للخبط والخلط الفكري، ومن ثم تصحيحها.

آثار الحوار البنَّاء

للحوار البنَّاء أهميته البالغة في مكافحة التطرف والإرهاب، وتحقيق السلام الإنساني، ودائمًا ما تنعقد الآمال عليه أن يكون بديلًا عن العنف واستخدام القوة، وأن تكون لغة الحوار هي اللغة السائدة التي يستحقها الإنسان، وتعبر عن آدميته وحضارته، وإن تطبيق الحوار البناء والنجاح في إجرائه يترتب عليه العديد من الآثار الإيجابية، أهمها:

  1. تفكيك القناعات الخاطئة وتصحيح المفاهيم:

غالبًا ما تنتج الأزمة الفكرية من تشوه في المفاهيم، فالمفهوم يمثل الركيزة والمنطلق الأساسي للنظريات الفكرية، وهذا ما يفسر سعي منظري الحركات المتطرفة لتشييد بناء مفاهيمي خاص، يكون ركيزة لهم لتأسيس رؤيتهم حول الدين والعالم، فالحركات المتطرفة على اختلاف انتمائها علمت جيدًا أن وظيفتها الأولى هي العبث بدلالات المفاهيم الشرعية، وإكسابها أبعادًا أخرى ودلالات مستحدثة تخدم أفكارهم ورؤيتهم، ومن ثمَّ الدفع بتلك المفاهيم والبناء عليها، وهو ما يحدث إرباكًا واضطرابًا في الحالة الفكرية تكوِّن البيئة المثالية للترويج للفكر المتطرف.

ففي تلك البيئة تحديدًا يبدأ دعاة التطرف في الترويج للمفاهيم الشرعية بدلالتها المصنوعة على أيديهم كالجهاد والهجرة والكفر، وإحاطتها بسياج مقدس، لتحصين معتنقيها من التخلي عنها أو قبول فكرة احتمال خطئها، فتتحول إلى أيديولوجية عصيَّة على التغيير، يصعب تفكيكها بسهولة، ومن هنا يظهر كمّ التعقيد في التكوين الفكري للجماعات المتطرفة.

ولذلك كانت الغاية الأسمى من غايات الحوار، هي تصحيح تلك المفاهيم المغلوطة ، فالحوار البنَّاء هو القادر على تفكيك البناء المفاهيمي لدى الأفراد المتطرفين، وتصحيح تلك المفاهيم، فالفكر لا يمكن تغييره إلا بالفكر.

  • دعم التواصل والتعارف الإنساني:

يعتبر الحوار أحد وسائل التواصل الإنساني التي تعكس سلوكًا حضاريًّا يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات؛ فالحوار أداة يملكها كل بني آدم ويمكن له من خلالها التواصل مع سائر البشر، فالحوار يظهر الحقائق كاملة بعيدًا عن التشويه والتلفيق والمبالغة، فإن المواقف الحادة والعنيفة تجاه الآخر دائمًا ما تكون نتيجة للفهم المغلوط والمعرفة الناقصة، فإذا ما عززت ثقافة الحوار فتح الباب أمام المعرفة الحقيقية، ومن ثم يمهد للقضاء على التوتر والاحتقان غير المبرر.

والإسلام لا يعادي الأمم التي لا تدين به، وفي ذلك يقول الدكتور دراز: «هل ترى أوسع أفقًا، وأرحب صدرًا، وأسبق إلى الكرم، وأقرب إلى تحقيق السلام الدولي والتعايش السلمي بين الأمم، من تلك الدعوة القرآنية التي لا تكتفي في تحديد العلاقة بين الأمم الإسلامية وبين الأمم التي لا تدين بدينها، ولا تتحاكم إلى قوانينها- لا تكتفي في تحديد هذه العَلاقة بأن تجعلها مبادلة سلم بسلم: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾ [الأنفال: 61]، ﴿فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا﴾ [النساء: 90]، بل تندب المسلمين أن يكون موقفهم من غير المسلمين موقف رحمة وبر، وعدل وقسط: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8]»([3]).

وفي هذا الصدد يجب توصيل الصورة الحقيقية المعتدلة عن الإسلام والمسلمين؛ ليعرف العالم أجمع أن الإسلام ينبذ الإرهاب وأن تعاليمه تلعن مرتكبيه.

  • محاصرة الجماعات الإرهابية وتجفيف مواردها البشرية:

تعتمد الجماعات المتطرفة على استغلال كافة الدوافع الدينية والنفسية في عمليات التجنيد والحشد، وذلك من خلال خطاب متطرف يميل إلى العاطفة لتوجيه سلوك الأفراد المستهدفين إلى سلوك طريق التطرف، وهنا تأتي وظيفة الحوار البناء، ليقوم بدوره الوقائي في مكافحة ظاهرة التطرف، واستنقاذ الشباب من الانقياد أو الوقوع في براثن التطرف في تلك المراحل الحرجة التي قد يمرون بها، هذا بالإضافة إلى دوره العلاجي، فإن التصدي الفكري عن طريق الحوار البنَّاء هو الخيار الأبرز لتجفيف منابع التطرف، ومن ثمَّ إضعاف القوة البشرية لدى التنظيمات الإرهابية، وتقويض نشاطاتها وانتشارها. 

  • تحقيق السلام العالمي:

لقد أثبت التاريخ بفصوله المتكررة أن العنف واستعمال لغة القوة لم يكن يومًا حدًّا فاصلًا في إنهاء الاختلاف، وتأكد أن كافة المحاولات العنيفة لتنميط الثقافات أو استلاب الخصوصيات الثقافية قد باءت بالفشل؛ فالخلاف سنة كونية باقية بقاء الإنسان، ومن هنا تأتي الوظيفة الحضارية للحوار، والإيمان بأن الصراع هو الطارئ، وأن الأصل في العلاقات البشرية هو السلام والتعايش، حتى لو أصبح الصراع والتنافر هو المسيطر على العلاقات الإنسانية اليوم، إلا أن ذلك لا ينفي كون السلام هو الأصل.

يقول الدكتور دراز: «إن الإسلام لا يكفّ لحظة واحدة عن مد يده لمصافحة أتباع كل ملة ونحلة في سبيل التعاون في إقامة العدل ونشر الأمن، وصيانة الدماء أن تسفك، وحماية الحرمات أن تنتهك، ولو على شروط يبدو فيها بعض الإجحاف؛ ناهيك بالمثل الرائع الذي ضربه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى حين قال في الحديبية: «والله لا تدعوني قريش إلى خطة توصل فيها الأرحام وتعظم فيها الحرمات إلا أعطيتهم إياها». هذا هو مبدأ التعاون العالمي في  الإسلام، يقرره نبي الإسلام ورسول السلام»([4]).

إن الحوار البنَّاء أصبح هو طوق النجاة والأمل لتحقيق السلام العالمي، وإنهاء حالة فوضى الخلاف.

الخاتمة

سيظل الحوار البنَّاء هو ملاذنا لعالم أفضل، يؤمن أن ما يجمع البشر أكثر مما يفرقهم، وأن هناك دومًا خيارًا آخر غير العنف والكراهية، وهو خيار أكثر أمنًا وتحضرًا ورُقِيًّا، ونافذة يمكن من خلالها رؤية القواسم الإنسانية المشتركة بين بني آدم.

إن الحوار هو الأداة الناجعة التي يمكن من خلالها تفكيك الأفكار، وتبديل القناعات، ومعرفة أن الرموز والأشخاص لا يملكون الحق المطلق، وأن الإنسان يستحق أكثر من أن يكون تابعًا فاقدًا للإدراك والتفكير والتحليل، فإن الله سبحانه وتعالى كرمه بنعمة العقل والتفكير، وميز جنسه عن سائر الأجناس بقدرات التواصل والتعايش.

إن الخطاب البنَّاء الآن يحمل مسئولية التمهيد لحالة جديدة وعالم جديد قد استفاد من دروسه التاريخية، وعلم أن الاتجاه نحو الحرب والعنف والكراهية لا يصل بالإنسان إلى حلول آدمية مهما بدا عكس ذلك، وأن الحوار البنًّاء هو الضامن الوحيد لتحقيق السلام والتعايش، مع المحافظة على الخصوصيات الدينية والثقافية والحضارية لكل أمة من الأمم.

إن موجات التطرف المتعالية التي لا تهدأ حتى تعاود ثورتها من جديد تحتاج إلى يقظة تامة، وحوار مستمر ومتجدد، يعتمد كافة الأساليب التي من شأنها تمييز الحق من الباطل، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتعزيز القِيَم الأخلاقية، فإن ذلك فقط هو الكفيلُ بحفظ الأمن والأمان في العالم بأسره مهما اختلفت العقائد والأديان.


([1]) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (7 / 480) رقم (8522)، والبيهقي في السنن الكبرى (17 / 40، 41) رقم (16819).

([2]) دلائل النبوة، للبيهقي (2/439).

([3]) الدين «بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان»، الدكتور محمد عبد الله دراز (ص184)، دار القلم-الكويت.

([4]) الدين «بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان»، (ص185).

Print

مركز تحقيق التراث

بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا

مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أنشيء عام 2010م خدمة للتراث والمشتغلين به، ومشاركة في الحفاظ عليه والتوعية بقيمته وإبرازا لإنجازاته المزيد

العنوان:

جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الحي المتميز - مدينة 6 اكتوربر
Web: www.must.edu.eg
Facebook: facebook.com/mustuni
Twitter: twitter.com/must_university
Instagram: instagram.com/mustuni
Pinterest: pinterest.com/mustuni

تليفون:

فاكس

01285330279-01285330279- 01060314825

بريد الكتروني


abhashem2009@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة ل مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا