كتب يسري عبد الغني:
رغم أننا قد أشرنا في أكثر من مقالة ودراسة لنا إلى أن الدراسات العربية التي تناولت الليالي مازالت قليلة ومحدودة جداً ، إلا أننا نحب أن نذكر هنا كتاب الأستاذة الدكتورة / سهير القلماوي ( رحمها الله ) والمعنون بـ ( ألف ليلة وليلة ) والذي طبع لأول مرة سنة 1943 عن دار المعارف القاهرية ، ثم طبع طبعة ثانية سنة 1959 بلا تغيير ، في 321 صفحة ، وبعد ذلك طبع أكثر من مرة ، كان آخرها عن مشروع مكتبة الأسرة المصري ( القراءة للجمع ) .
والكتاب دراسة نقدية تاريخية لمجموعة القصص الشعبية المعروفة ، حاولت فيها أن تبين نسخ هذه القصة الأصلية ، ومجهودات أهل الاستشراق والشرقيين في ترجمتها وطبعها والكتابة عنها .
وقد نبهت على أن ما لفت أوربا إلى تلك القصص الشعبية هو الترجمة التي قام بها ( أنطوان جالان ) الأستاذ الفرنسي ، وطبعها مرات عديدة ، متصرفاً فيها ، ما شاء له ذوقه وهواه .
وفي الوقت نفسه نبهت على أن المستشرق / ليتمان كان من أكبر الباحثين إخلاصاً وصواباً حين قرر أن صورة من الليالي عرفت في مصر حوالي منتصف القرن الثاني عشر الميلادي .
وفي البحث عن أصل الليالي ترى أستاذتنا الدكتورة / سهير أنه سقت إلى الناحية الفولكلورية ، وكل المجهودات التي تبذل في هذا الجانب تؤدي إلى سلسلة من الفروض التي تؤدي بدورها إلى الغموض ، ولعلنا قد أوضحنا ذلك فيما سبق .
والكتاب مقسم إلى أقسام ثلاثة ، الأول والثاني يتحدثان عن الليالي ، والجهد الذي بذل فيها ، والبحث عن أصلها ، أما القسم الثالث فتعرض فيه المؤلفة شتى موضوعات الليالي عرضاً نقدياً ، فثمة موضوع الخوارق ، وثمة الموضوعات الدينية والتاريخية والتعليمية ، وثمة موضوع عن الحيوان ، وموضوع عن المرأة.
وعن طريق هذه الدراسة قدمت المؤلفة دراسة لبعض نواحي الليالي مستهدفة كشف تلك الآفاق الواسعة التي تفتحها تلك القصص للدرس والمناقشة وإمكان الاستدلال من الداخل ، وعن طريق دراسة فنية تناولت القصص الواردة في الليالي ، ودلالتها على بيئات وأذواق مختلفة .
ويمكن لنا القول بأن الكتاب بهذا كله نظرة علمية إلى جانب من أساطيرنا وحكاياتنا الشعبية ، ويمكن لدارس أدبنا الشعبي في الشرق أن يجد فيه خطة يسير عليها إذا ما أراد التعرض لما يمكن أن نسميه بـ ( الفولكلوريات ) الإسلامية ( إن جاز التعبير ) ، وهو مهم من ناحية أنه يضع علامات على الطريق عندما نريد أن نفهم نفسية شعبنا الذي كتب الليالي وأضاف إليها ، ثم استمع إليها ، وتأثر بها.
وأخيراً نقول: إن أثر الليالي ظهر جلياً عند كتاب الغرب فيما أبدعوه من قصص وأقاصيص ومسرحيات تراجيدية وكوميدية وغنائية ، وشعر غنائي .. واستمر هذا الأثر الكبير في الحياة الأوربية الأدبية والفنية إلى يومنا هذا .
وغني عن البيان أن القصص والمسرحيات العربية في العصر الحديث تأثرت تأثراً بالغاً بألف ليلة وليلة ، كما نجد في مسرح الأستاذ / توفيق الحكيم مثل مسرحيته (شهرزاد) ، ومسرحيته (شمس النهار) ، وفي قصة الدكتور / طه حسين (أحلام شهرزاد )... إلى آخره.