Print
د. عفاف عبد المعطى تكتب عن فضل الإمام الشعرانى صاحب الطبقات الكبرى.....
د. عفاف عبد المعطى تكتب عن فضل الإمام الشعرانى صاحب الطبقات الكبرى

فضل الإمام الشعراني

بقلم/ د. عفاف عبد المعطي

أظهرت أجزاء كتاب " لواقح الأنوار فى طبقات الاخيار " المعروف بالطبقات الكبرى القيمة الكبرى لفكر الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعرانى "" المتوفى سنة 973 هـ  وقد صدر الكتاب فى أربعة اجزاء  بتحقيق العالمين الجليلين الأستاذ الدكتور أنس الفقى والأستاذ الدكتور أحمد عادل عبد المولى وصدر عن مركز تحقيق التراث العريق بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا .

بداية عَرّف الشعراني بنفسه في كتابه لطائف المنن، فقال: «فإني بحمد الله تعالى عبد الوهّاب بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن زوفا، ابن الشيخ موسى المكنى في بلاد البهنسا بأبي العمران، جدي السادس ابن السلطان أحمد ابن السلطان سعيد ابن السلطان فاشين ابن السلطان محيا ابن السلطان زوفا ابن السلطان ريان ابن السلطان محمد بن موسى بن السيد محمـد بن الحنفية ابن الإمام علي بن أبي طالب» .

ثم أفاض الشعراني في ذكر شيوخه في كتبه، وبين مدى إجلاله لهم خاصة في كتابه "الطبقات الكبرى" ، وذكر بأنهم نحو خمسين شيخاً. لذلك كان الشعراني صوفيا في توجهه الذي اتخذه في حياته، يقول عن نفسه وهو متحدث بنعم الله عليه في لطائف المنن والأخلاق: "..ثم إلهامي لمجاهدة نفسي بغير شيخ لما تبحرت في العلم ثم بشيخ ليساعدني على إزالة الموانع التي توقفني عن العمل بما علمته"، إلا أنه لم يكتف بذلك، وظل يبحث عن شيوخ التصوف إلى أن التقى بعدد كبير منهم، فأصبح يبين أصول التصوف التي أخذها عنهم في مقدمة كتابه الطبقات الكبرى، قال في ذلك:

في بيان أن طريق القوم السليم والعقيدة الصحيحة مشيدة بالكتاب، والسنة، وأنها مبنية على سلوك أخلاق الأنبياء والأصفياء، وبيان أنها لا تكون مذمومة، إلا إن خالفت صريح القرآن أو السنة أو الإجماع لا غير، وأما إذا لم تخالف، فغاية الكلام أنه فهم اتخذه رجل مسلم فمن شاء فليعمل به، ومن شاء تركه، ونظير الفهم في ذلك الأفعال وما بقي باب للإنكار، إلا سوء الظن بهم وحملهم على الرياء، وذلك لا يجوز شرعا .

بعدها ذكر الإمام الشعرانى مفهوم علم التصوف وخلاصته، بقوله:" ثم اعلم يا أخي رحمك الله أن علم التصوف، عبارة عن علم انقدح في قلوب الأولياء حين استنارت بالعمل بالكتاب والسنة فكل من علم بهما انقدح له من ذلك علوم، وأدب، وأسرار، وحقائق تعجز الألسن عنها، نظير ما انقدح لعلماء الشريعة من الأحكام، حين عملوا بما عملوه من أحكامهم، فالتصوف إنما هو زبدة عمل العبد بأحكام الشريعة، إذا خلا عمله من العلل وحظوظ النفس، كما أن علم المعاني والبيان زبدة علم النحو، فمن جعل علم التصوف علماً مستقلاً صدق، ومن جعله من عين أحكام الشريعة صدق، كما أن من جعل علم المعاني والبيان علماً مستقلاً، فقد صدق، ومن جعله من جملة علم النحو فقد صدق.

ثم قام الإمام الشعرانى بتأصيل هذا العلم وأنه من معين الشريعة التي يتوصل بها إلى الأحكام الشرعية، بقوله:" لكنه لا يشرف على ذوق أن علم التصوف تفرع من عين الشريعة، لا من تبحر في علم الشريعة حتى بلغ إلى الغاية، ثم إن العبد إذا دخل طريق القوم، وتبحر فيها أعطاه الله هناك قوة الاستنباط نظير الأحكام الظاهرة على حد سواء، فيستنبط في الطريق واجبات، ومندوبات، وآداباً ومحرمات ومكروهات، وخلاف الأولى نظير ما فعله المجتهدون، وليس إيجاب مجتهد باجتهاده شيئاً لم تصرح الشريعة بوجوبه، أولى من إيجاب ولي الله تعالى حكماً في الطريق، لم تصرح الشريعة بوجوبه كما صرح بذلك اليافعي وغيره .

أما عن شريعة الإمام الشعرانى فهو يرى أن عقيدة الأشاعرة والماتريدية هي عقيدة السواد الأعظم من هذه الأمة وهي العقيدة التي تبناها ودافع عنها في كتبه العقدية إذ يقول:" ثم لا يخفى عليك يا اخي أن مدار جميع عقائد أهل السنة والجماعة يدور على كلام قطبين: أحدهما الشيخ الإمام أبو منصور الماتردي، والثاني الشيخ الإمام أبو الحسن الأشعري، فكل من تبعهما او أحدهما اهتدى، وسلم من الزيغ والفساد في عقيدته، وقد ظهر أتباع الماتريدي فيما وراء نهر سيحون، وظهر أتباع الشيخ أبي الحسن في أكثر البلاد كخراسان والعراق والشام ومصر والمغرب، وغير ذلك من البلاد الإسلامية، فلذلك صار غالب الناس إذا يقولون إذا مدحوا عالما: فلان عقيدته أشعرية صحيحة، وليس مرادهم نفي صحة عقيدة غير الأشعري من الماتريدية وغيرهم من أئمة الكلام السابقين على الإمام الأشعري.

وفي بيان ملخص اعتقاد الإمام الشعراني، كما هو مثبت في كتبه المعتمدة يقول: "اعلم رحمك الله يا أخي أنه ينبغي لكل مؤمن أن يصرح بعقيدته وينادي بها على رؤوس الأشهاد، فإن كانت صحيحة شهدوا له بها عند الله تعالى، وإن كانت غير ذلك بينوا له فسادها ليتوب منها، ...فيا إخواني، ويا أحبابي رضي الله عنا وعنكم: أشهدكم أني أشهد الله تعالى وأشهد ملائكته وأنبياءه أني أقول قولا جازما بقلبي: إن الله تعالى واحد لا ثاني له، منزه عن الصاحبة والولد، مالك لا شريك له، ملك لا وزير له، صانع لا مدبر معه، موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده، بل كل موجود سواه مفتقر إليه في وجوده". فيختم كلامه بقوله : "فهذه شهادتي على نفسي أمانة عند كل من وصلت إليه يؤديها إذا سئلها حيثما كان، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة إلى قيام الساعة، وهي بحمد الله عقيدتنا عليها حيينا، وعليها نموت، نفعنا الله تعالى بهذا الإيمان، وثبتنا عليه عند الانتقال إلى الدار الحيوان، وأحلنا دار الكرامة والرضوان، وحال بيننا بين دار سرابيل أهلها من قطران وجعلنا من العصابة التي تأخذ كتبها بالأيمان، وممن انقلب عن الحوض وهو ريان، ورجح له الميزان، وثبت منه على الصراط القدمان، إنه المنعم الحنان، آمين اللهم آمين وفي بيان ملخص اعتقاد الإمام الشعراني، كما هو مثبت في كتبه المعتمدة يقول: "اعلم رحمك الله يا أخي أنه ينبغي لكل مؤمن أن يصرح بعقيدته وينادي بها على رؤوس الأشهاد، فإن كانت صحيحة شهدوا له بها عند الله تعالى، وإن كانت غير ذلك بينوا له فسادها ليتوب منها، ...فيا إخواني، ويا أحبابي رضي الله عنا وعنكم: أشهدكم أني أشهد الله تعالى وأشهد ملائكته وأنبياءه أني أقول قولا جازما بقلبي: إن الله تعالى واحد لا ثاني له، منزه عن الصاحبة والولد، مالك لا شريك له، ملك لا وزير له، صانع لا مدبر معه، موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده، بل كل موجود سواه مفتقر إليه في وجوده". فيختم كلامه بقوله : "فهذه شهادتي على نفسي أمانة عند كل من وصلت إليه يؤديها إذا سئلها حيثما كان، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة إلى قيام الساعة، وهي بحمد الله عقيدتنا عليها حيينا، وعليها نموت، نفعنا الله تعالى بهذا الإيمان، وثبتنا عليه عند الانتقال إلى الدار الحيوان، وأحلنا دار الكرامة والرضوان، وحال بيننا بين دار سرابيل أهلها من قطران وجعلنا من العصابة التي تأخذ كتبها بالأيمان، وممن انقلب عن الحوض وهو ريان، ورجح له الميزان، وثبت منه على الصراط القدمان، إنه المنعم الحنان، آمين اللهم آمين

أقواله في الآيات المتشابهة: ويتلخص قوله في أنه يجب الإيمان بهذه الآيات على مراد الله تعالى، مع وجوب تنزيهه تعالى عن ظاهر تلك الألفاظ التي توهم التشبيه بالمخلوق، وهذا هو الأسلم وذهب أن التأويل بشكل عام لا يوافق الأدب مع الله تعالى، ولكن إذا دعت للتأويل ضرورة أو مصلحة فإن للعلماء أن يؤولوا من غير جزم بأن هذا هو مراد الله تعالى، ثم بين أصل المسألة وعرض أقوال العلماء فيها، فقال:

" إن أهل الله تعالى قاطبة أجمعوا على أنه يجب الإيمان بآيات الصفات وأخبارها على حد ما يعلمه الله تعالى ، وعلى حد ما تقبله ذاته المقدسة، وما يليق بجلاله، ولا يجوز لنا رد شيء من ذلك، ولا تكييفه، ولا نسبة ذلك إلى الحق جل وعلا على حد ما ننسبه إلينا، وذلك لأننا جاهلون بذاته تعالى في هذه الدار، وفي الآخرة لا ندري كيف يكون الحال وكل من رد شيئا أثبته الحق تعالى لنفسه على ألسنة رسله، فقد كفر بما جاء من عند الله، وكل من آمن ببعض ذلك وكفر ببعض فقد كفر بذلك، وكل من آمن بذلك، ولكن شبه في نسبة ذلك إليه مثل نسبته إلينا، أو توهم ذلك، أو خطر على باله، أو تصوره، أو جعل ذلك ممكنا .....فقد جهل وما كفر

وتطرق إلى آيات الصفات، وذكر أن الأصل هو التفويض مع التنزيه، وهو ما ذهب إليه العلامة إبراهيم اللقاني المالكي في جوهرة التوحيد حيث قال: " وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوض ورَم تنزيها".

أما التأويل فهو جائز حسب ما يراه العلماء، ويجب عليهم إذا اضطروا إليه، وقال فيه :" ....اللهم إلا أن يؤول أحدهم شيئا منها بمصرف شرعي لمن رأى عنده ضعف إيمان، فمثل ذلك لا حرج عليه في التأويل بل قد يجب". أقواله في مسألة الحلول والاتحاد: حينما كانت هذه العقيدة فاسدة وأساسها باطل، تصدى لها الشعراني بقوة، إذ يقول: "لا حلول ولا اتحاد، إذ القول بذلك يؤدي أنه ـ تعالى ـ في أجواف السباع والحشرات والوحوش، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا".

وقال أيضا نقلا عن محيي الدين بن عربي في باب الأسرار: "من قال بالحلول فهو معلول، وهو صاحب مرض لا يزول، ومن فصل بينك وبينه، فقد أثبت عينك وعينه...ولم يقل بالاتحاد إلا أهل الإلحاد .

أثنى عليه كثير من العلماء من أصحاب الطبقات والتراجم، بكلام يدل على مكانة الإمام الشعرانى العلمية والخلقية منهم: الإمام عبد الرؤوف المناوي: " شيخنا، الإمام العامل، والهمام الكامل، العابد الزاهد، الفقيه، المحدث، الصوفي المربي المسلك من ذرية الإمام محمد بن الحنفية، ولد ببلده، ونشأ بها، ومات أبوه، وهو طفل ومع ذلك ظهرت فيه علامة النجابة، ومخايل الرياسة والولاية ".

وقال عنه الإمام المحدث المؤرخ نجم الدين الغزي:" الشيخ العالم العارف الشعراني نسبة إلى قرية أبي شعرة المصري الشافعي الصوفي...كان رحمه الله من آيات الله تعالى في العلم، والتصوف والتأليف". وقال عنه الشيخ عبد الحي الكتاني رحمه الله: " هو الإمام، الفقيه، المحدث، الصوفي، العارف، المسلك، أبو المواهب عبد الوهاب بن أحمد الشعراني.

وقال عنه الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الراحل رحمه الله: " إنه كان عالما مستنيرا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، فهاله أن تتضارب آراء الفقهاء فيما بينهم، فحاول أن يضع بتآليفه المتعددة، وآرائه الثاقبة منهجا صحيحا يوفق فيه بين هذه الآراء المتضاربة والمذاهب المختلفة حتى يبدد ما علق بالأذهاب من شبهات واختلافات، وكان سباقا في هذا الميدان، وتآليفه الكثيرة هي التي تشهد بذلك.

كانت نهاية حياة العالم الحَبر عبد الوهاب بن أحمد الشعراني بمرض الحُمّى، وبقي مريضا به ثلاثة وثلاثين يوما، إلى أن توفي في القاهرة بمصر، يوم الاثنين بعد العصر ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وتسمعئة 973 هـ، وحمل إلى الجامع الأزهر في مشهد من العلماء والفقهاء والأمراء والفقراء، حيث صلوا عليه ودفن بجوار زاويته، في المدفن الذي أنشأه وأعده له أحد تلاميذه وهو الأمير حسن بك الصنجق.

 

 

.

Print

مركز تحقيق التراث

بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا

مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أنشيء عام 2010م خدمة للتراث والمشتغلين به، ومشاركة في الحفاظ عليه والتوعية بقيمته وإبرازا لإنجازاته المزيد

العنوان:

جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الحي المتميز - مدينة 6 اكتوربر
Web: www.must.edu.eg
Facebook: facebook.com/mustuni
Twitter: twitter.com/must_university
Instagram: instagram.com/mustuni
Pinterest: pinterest.com/mustuni

تليفون:

فاكس

01285330279-01285330279- 01060314825

بريد الكتروني


abhashem2009@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة ل مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا