Print
شعبان خير مقدمة لشهر رمضان .....
شعبان خير مقدمة لشهر رمضان

شعبان خير مقدمة لشهر رمضان 

نشر: الأحد 12 مارس 2023م

إن لشهر شعبان ، منزلة كبرى ومكانة كريمة فى الإسلام وعند المسلمين ، إذ يقع هذا الشهر المبارك بين شهر رجب الفرد ، وهو أول الأشهر الحُرُم ، وبين شهر الهُدى والفرقان ، شهر النور والقرآن ، شهر رمضان المعظم. ولذلك فقد احتفى به النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيما احتفاء ، وكان يكثر الصيام فيه أكثر من أى شهر آخر فيما عدا رمضان ، وكان يستقبله مُنَوِّها بمكانته تلك ، فى قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه أسامة بن زيد رضى الله عنه: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأُحِبُ أن يُرفع عملى وأنا صائم". حسَّنه الألبانى.

وقد ورد عن أنس رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال: "اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا رمضان". رواه أحمد فى المسند. وقد خرَّج الترمذى من حديث أنس ، قال: سئل النبى صلى الله عليه وسلم: أىّ الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: شعبان ، تعظيما لرمضان".

لماذا سمى شعبان؟

شعبان هو اسم للشهر الذى يقع بين شهرىْ رجب ورمضان ويُجمعُ على شعبانات وشعابين ، وقد سمى بهذا الاسم لأن العرب كانوا يتشعبون فيه (أىْ يتفرقون) لِطلب الماء ، وقيل لتشعبهم فى الغارات ، وقيل لأنه شعَبَ (أىْ ظهر) بين رجب ورمضان.

فى فضل شعبان:   

وقد ورد فى الصحيحين عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها ، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم فى شعبان حتى نقول: لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم". وفيهما أيضا (أىْ فى الصحيحين البخارى ومسلم) عن ابن عباس ، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم (فى شعبان) إذا صام حتى يقول القائل: لا والله لا يفطر ، ويفطر إذا أفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم".

وقد ورد عن أبى بكر الوراق البلخِىّ قوله: شهر رجب شهر الزرع ، وشهر شعبان شهر السقى للزرع ، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع. وعنه أيضا قال: مثل شهر رجب مثل الريح ، ومثل شعبان مثل الغيم ، ومثل رمضان مثل المطر. وقال بعضهم: السنة مثل الشجرة ، وشهر رجب أيام توريقها ، وشعبان أيام تفريعها ، ورمضان أيام قطفها ، والمؤمنون قُطافها. وجدير بمن سوَّد صحيفته بالذنوب أن يُبيضَها بالتوبة فى هذا الشهر الكريم ، وبمن ضيع عمره فى البطالة أن يغتنم فيه ما بقى من العمر(1).

ولشعبان من الفضائل الأخرى ـ بخلاف ما ذكرناه آنفا من رفع الأعمال فيه ـ الكثير ، ومنها الأمر الإلهى بتحويل قبلة المسلمين بتوجههم فى كل صلاة لهم تجاه المسجد الحرام بدلا من توجههم إلى بيت المقدس ، وفى ذلك ترضية للرسول صلى الله عليه وسلم ، الذى كانت تهفو نفسه إلى ذلك ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لجبريل عليه السلام: "وددت لو حوّلنِى الله إلى الكعبة فإنها قبلة أبى إبراهيم ، فيرد عليه جبريل: إنما أنا عبد مثلك ، وأنت كريم على ربك ، فسل أنت ربك ، فإنك عند الله بمكان".

وفى ذلك يقول الله تبارك وتعالى: "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره". البقرة: 144.

ليلة النصف من شعبان:

صحت أحاديث كثيرة فى فضل شهر شعبان ككل ، لا فرق بين ليلة وليلة كما يقول فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت(2) رحمه الله ، وطلب الإكثار من الصوم فيه تهيئة لاستقبال رمضان ، ومن ذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم وقد سئل: "أى الصوم أفضل بعد رمضان؟" فقال: "شعبان لتعظيم رمضان" ، وتعظيم رمضان يكون بحسن استقباله ، وعد التبرم من صيامه.

التفسير العلمى لأهمية الصيام فى شعبان:

أوضح العلم الحديث أن خلايا الجسم تستهلك فى فترة الصيام الأولى المخزون لديها من السكريات والدهون ؛ وذلك لتعويض النقص فيهما بسبب الصيام ، ويترتب على هذا إفراز الغدد الصماء لبعض الهرمونات كهرمون الأدرينالين (هرمون الطوارئ) الذى تنتجه خلايا لباب الغدة الكظرية ، والذى يؤدى بدوره إلى الشعور ببعض الأعراض كارتفاع ضغط الدم ، والإحساس بالصداع ، مع تغير فى المزاج ، وحدوث الاستثارة والهُياج لأقل المثيرات ؛ ومن ثمَّ سُرعة الغضب ، وفقدان التحكم فى فلتات اللسان ؛ مما قد يفسد على المرء صيامه.   

ومما هو جدير بالذكر أن معظم هذه الأعراض تخف ويزول أثرها بعد بضعة أيام من الصيام وذلك لعودة هذه الهرمونات إلى مستوياتها الطبيعية بعد الصيام لعدة أيام حيث يتعود الجسم وخلاياه على هذه الحالة من الحرمان من الطعام طوال فترة النهار. وعلى هذا فإن صيام أيام من شعبان يمهد للصيام فى رمضان دون ظهور تلك الأعراض مما يجعل الصيام متعة حقيقية فى شهر الصيام ، خاليا من المعاناة الشديدة، والمشقة المُنهِكة ، فيقبل المرء على هذه العبادة بتجرد وحب ، وطاعة خالية مما قد يشوبها من سلوكيات تعكر صفوها ، أو تؤثر عليها. ولعل هذا من إعجاز سنة الصيام فى شهر شعبان ، لتصبح بمثابة التهيئة للصيام المفروض فى شهر رمضان ، والنبى صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا وأسوتنا فى كل هذا. 

الهوامش:

  1. الإمام الحافظ زين الدين أبى الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلى الدمشقى (1999). لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف. الطبعة الخامسة. دار ابن كثير. دمشق وبيروت. ص 234.

الشيخ محمود شلتوت (2004). من توجيهات الإسلام. الطبعة الثامنة. دار الشروق. القاهرة. ص 

Print

مركز تحقيق التراث

بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا

مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أنشيء عام 2010م خدمة للتراث والمشتغلين به، ومشاركة في الحفاظ عليه والتوعية بقيمته وإبرازا لإنجازاته المزيد

العنوان:

جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الحي المتميز - مدينة 6 اكتوربر
Web: www.must.edu.eg
Facebook: facebook.com/mustuni
Twitter: twitter.com/must_university
Instagram: instagram.com/mustuni
Pinterest: pinterest.com/mustuni

تليفون:

فاكس

01285330279-01285330279- 01060314825

بريد الكتروني


abhashem2009@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة ل مركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا